عين جالوت

وقف مدرس التاريخ قُبالة تلاميذه، فشاهد تلميذه النجيب عبد القادر يمسك بيده قلماً وورقة، والحيرة في عينيه، فسأله الأستاذ:

-مالك يا عبد القادر؟ أراك حائراً.

فهزّ عبد القادر رأسه وقال:

- نعم أنا حائر.

وعندما سأله الأستاذ عن سبب حيرته قال:

-أريد معرفة شيء عن معركة عين جالوت.. كان أخي عبد الله يقرأ في كتاب اسمه (واإسلاماه) ويحكي لأمي عن معركة عين جالوت التي لم أسمع بها من قبل.

فابتسم أستاذ التاريخ وقال:

-هذه معركة تاريخية فاصلة، قاد المسلمين فيها الملكُ المظفّرُ قُطزْ ملك مصر، وتصدّى لجيوش التتار التي يقودها الطاغية هولاكو.

وتجهَّمَ (أي عَبَسَ) وجه الأستاذ وهو يقول:

-كانت جيوش التتار قد خرّبت بلاد فارس، وقضت على الخلافة العباسية في بغداد، وأحرقت ودمّرت وذبحت بغداد ومئات الألوف من سكانها، ورمت الكتب في نهر دجلة، فاصطبغ لون مياهه بالسواد، ثم دمّرت حلب وانتهكت دمشق، وأراد هولاكو أن يتوجه بجيوشه إلى مصر ليحتلها، فخرج إليه الملكُ المُظفَّرُ قطز، وجرت معركة طاحنة بين المسلمين والتتار، وكان قطز يهجم على التتار وهو يهتف: (واإسلاماه) فتنتخي الفرسان، وهكذا حتى تمكن الجيشُ المصريُّ المسلم من هزيمة التتار في موقع (عين جالوت) ولاحقهم الأمير بيبرس حتى طرد فلولهم من بلاد الشام، فتطهّرت من همجيتهم وتوحّشهم..

سأل عبد القادر:

-يعني.. عين جالوت أرض؟.

أجاب الأستاذ:

-عين جالوت بلدة صغيرة تقع بين بيسان ونابلس في فلسطين.

وعندما انتصر المسلمون، نزل الملك قطز عن فرسه، ومرّغ وجهه بالتراب، وقبَّل أرض عين جالوت خشوعاً وخضوعاً لله، ثم صلى ركعتين شكراً لله على نصره.

حدثت معركة عين جالوت في 25 من رمضان المبارك سنة (658هـ).

كان الملك المظفر قطز يدعو أثناء المعركة:

-اللهمّ انصرْ جندك وعبدك قطز على التتار.

دخل الملك المظفر قطز مدينة دمشق في أواخر رمضان سنة (658هـ) .